mardi 4 mars 2008

قبل البداية

في خلال أيام قليلة بلغ عدد المشتركين في مجموعة الفايس بوك أكثر من ثلاث مائة، و لم يكن بينهم سوى بضع أفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة أغرقوا المجموعة بمشاركات تكفيرية و اتهامات بالجهل بالدين و بفوائد الحجاب و حمايته لجسد المرأة الفاتن

http://www.facebook.com/group.php?gid=23551661344

باختصار أكدوا ما ذهبنا إليه من أن الحجاب رمز يخفي وراءه فكرا سلفيا لا يرى في المرأة سوى موضوع جنسي و يرى في الحجاب أمرا ربانيا كما أقنعه بذلك شيوخ التخلف

و أثبتوا النظرة المرضية لعلاقة الفرد بجسمه و بغيره، فغير المحجبة عارية و الدعوة لنزع الحجاب دعوة للتعري و من لا يفرض الحجاب على نساء عائلته ليس رجلا و قد يكون شاذا و وحدها المحجبة محترمة و لا يضايقها أحد

أكدوا أن الزي أهم من الجوهر و من الأخلاق أن المرأة تعريفا فريسة جنسية و أن الرجل صياد مكبوت جنسيا

ولا يوجد إجبار معنوي و ارهاب فكري أكثر من هذا


و لأن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجب شرعا و لأنهم يدافعون على ما يرونه هم أمرا ربانيا فان جهودهم لتحجيب النساء بكل الوسائل سيستمر و محاولة إخماد الأصوات المخالفة لن يتوقف بالإهانة حينا و بتهم العمالة لليهود مصدر الشر في العالم أحيانا أخرى

و مع ذلك فالحرية غالية و تستحق الثمن الذي ندفعه لأجلها و لأجل مجتمع حر يعيش عصره و يتساوى فيه الناس على أساس المواطنة لا أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الأصل الإجتماعي، و الذين ساندوا الفكرة و تفهموا و اقترحوا أو تحفضوا على تفاصيل بعينها كانوا و كن مفاجأة سارة،

مجرد وجودهم يبقي لنا أمل في أن المسخ لم يشمل كل شيئ بعد و أن السلبية المميتة لم تقضي على كل قوى المجتمع المدني بعد رغم تكالب خفافيش الظلام بالعكس رد الفعل مساو للفعل و مضاد له في الإتجاه

تلك طبيعة الأمور

المسألة أعمق و أهم من قطعة قماش أو رمز ديني المسألة هي ما وراء ذلك من حجاب للعقل و انتصار للظلام و التخلف

حين نقول لا للحجاب و للقراءة الدينية التي تجعله فريضة و قدس أقداس الإسلام فنحن نقول لا للتخلف و تشييئ المرأة وتحقيرها و لا للتمييز على أساس الدين أو الجنس نقول لا حتى لا يتكرر ما حدث في إيران و يحدث في مصر في دول أخرى هي دعوة لنزع حجاب العقل و الروح وكفن الحياة

و على فكرة للأفكار أجنحة لا يمنعها أحد أن تطير

اليوم العالمي ضد الحجاب



لأن الحجاب لم يكن يوما فريضة دينية أو ركنا من أركان الإسلام و لأنه رمز استعباد المرأة

ليكن يوم 8 مارس المقبل يوما عالميا لنزع الحجاب ، لتوعية المخدوعات بشعارات الاسلامويين بخطر مشروعهم في اظطهادها و تحويلها لعورة و نصف انسان و تضامنا مع اللواتي يجبرن على وضع هاته الخرقة على رؤوسهن

التاريخ ليس نهائي و لا يهم كثيرا بقدر ان تصل الفكرة لأكبر عدد ممكن، هي ليست دعوة للإجبار أو التهديد بالقتل أو الاهانة كما يفعل الاخوانجية بل هي دعوة للاقناع و الفكر و النور



لنتوقف عن رد الفعل و لنبدأ من الآن

الحجاب ليس حرية ملبس بل إجبار عقائدي و أول خطوة للنقاب و عودة استعباد المرأة

الصمت على الحجاب كفريضة سادسة و قدس اقداس الاسلام و هذه كذبة كبيرة تعني السكوت على تغلغل افكار سلفية لن تتردد يوما في تحويل تونس و دول أحرى لايران أو السعودية


اقرؤوا ردود فعل الاخوانجية هنا لتعرفوا أن الخطر موجود و أن على المجتمع المدني أن يدافع عن نفسه

["


هذه دعوة لك أختي المسلمة لنزع الحجاب.
دعوة صادقة. ليست خبيثة. وهي طاهرة.
لا تسعى إلى تدنيس طرفك. كما لا تحثك من خلالها على الانحلال.
بل تدعوك إلى إعمال عقلك، وإلى استخدامه،وحدك.
فأنت وعقلك، وحدكما تكفيان. دون حاجة إلى البحث في الكتب والتاريخ.
دون حاجة إلى التنقيب في الدفاتر عن آراء المفسرين.
وأسألك لذلك وأنا أحدثك عدم الخوف مني.
أسألك الاستماع إلي والتمعن في كلماتي دون تشكيك في نواياي.
وأنت فيما بعد حرة. حرة في قرارك. حرة في مصيرك. تفعلين ما تشاءين.
أنتِ أنتِ سيدة نفسك. وحدك.
لا وصاية لأحد عليك. لا أحد غيرك.
البسي الحجاب بعد ذلك، أو اخلعيه، سأحترم قرارك مهما كان. ففي النهاية يجب أن يكون القرار قرارك.

دعيني إذن أهيئ النقاش لدعوتي تلك.

قلتُ في يومية سابقة إن ارتداء الحجاب بدأ فعلياً في العالم الإسلامي مع الثورة الإسلامية الإيرانية، التي فرضت الحجاب فرضاً على النساء بعد أن نجح رجال الدين في قلب المائدة على رأس الطبقة الوسطى والفئات اليسارية، التي دفعت من دمها للتخلص من حكم الشاه محمد رضا بهلوي.
رغم ذلك، لأن تلك الثورة مثلت أول انتفاضة حياة حقيقة في المنطقة فإنها بدت للكثيرين نموذجاً يُحتذى به، هي والزي الذي أصبحت النساء ترتديه هناك (بطبيعة الحال، تجاهلت وسائل الإعلام آنذاك التظاهرات النسائية التي خرجت معارضة لفرض ارتداء الحجاب، لكن تلك قصة
أخرى).

زاد على ذلك عامل آخر معروف، أعني الطفرة النفطية التي هيّأت للمملكة العربية السعودية وبعض من شخصياتها الغنية تقديمَ الدعم المالي لنشر ثقافة الدعوة الإسلامية، الوهابية، إضافة إلى تأسيسها لآلة إعلامية ضخمة تؤكد صباح مساء على أن حجاب المرأة ضرورة.
وتلاقحت تقاليد الدعوة الإسلامية تلك مع فكر الأخوان المسلمين، والتفرعات الحزبية العربية والإسلامية التي انبثقت منه، لينتشر في المجتمع فكر جديد، فكر غريب، غير الكثير من السلوكيات وطرق التفكير.

إذن، المهد الذي ولُدت فيه قضية حجاب المرأة سياسي الطابع.

دولتان، تحكم النخبة السياسية فيهما باسم الدين، تسعى كل منها إلى نشر نموذجها والتأكيد في الوقت ذاته على شرعية وجودها، وتفرضُ كل منهما على المرأة لديها ارتداء الحجاب، معتبرة إياه رمزاً لتدينها، شاءت تلك المرأة أم أبت.

شاءت تلك المرأة أم أبت!

وفكرٌ إخواني يهدف أولاً وأخيراً إلى الوصول إلى السلطة السياسية، لكنه لأنه يبرر لفكره من خلال الدين كان لزاماً عليه أن يخرج علينا أيضاً بنموذج لـ "سلوك إسلامي"، يتماشى مع الفكر وينسجم معه، وكان "الزي" جزءاً محورياً منه.
أعود إذن لأقول إن طابع قضية حجاب المرأة سياسي، لا أكثر ولا أقل.
سياسي بحت.
لكن التبرير له، وإقناع المرأة بوجوبه، أخذ ثلاثة أشكال: أولهما وثانيهما إنساني وثالثهما ديني.

الأول يقول إن المرأة عند ارتداءها الحجاب تغطي مفاتنها وتحمي الرجل من الغواية.
والثاني يقول إنها عندما تفعل ذلك إنما تؤسس لمجتمع فاضل.
والثالث يقول إن جوهر تلك الدعوة ديني.

التبرير الأول يفترض أن الرجل العربي حيوان شهواني، رجل يجب تفاديه، فهو لا يستطيع أن يسيطر على غرائزه، والجنس يسيطر على تفكيره، ولذلك لا يمكن الوثوق به بل تجب تغطية عورات المرأة، وهي كثيرات، كي نحميه من الشيطان الذي بداخله.
وهو افتراض مجحف وغير عادل في حق الرجل العربي، الذي عرفناه أخاً وأباً وزوجاً، عرفناه أيضاً إنساناً.
لأنه قادر على التعامل مع المرأة على أنها إنسان، لا بضاعة متعة.
لأنه قادر على ضبط غرائزه رغم وجودها، وإحساسه بها، تماماً كما أن المرأة قادرة على فعل ذلك.
لأني كامرأة أفترض عند التعامل معه أنه إنسان.
إنسان يحترمني.
بنفس النسق، فإن التبرير الأول يتضمن افتراضاً مجحفاً بحق المرأة نفسها، فهو يصورها كوعاء جنسي لا أكثر، عورة، ليست بشراً، ليست كياناً ساميا، أو إنساناً عاقلاً، بل كل ما فيها يثير الغرائز، كلها عورات، صوتها، شعرها، جسدها، كلها عورات تشقلب كيان الرجل.
ويتناسى أن المرأة قادرة بسلوكها، بطريقة تعاملها مع غيرها، أن تفرض احترامها على الرجل وعلى من حولها، ليس بغطاء رأسها أو بعباءتها أو بشرشفها.
بسلوكها هي.
بطريقة تعاملها.
باحترامها لنفسها.

التبرير الثاني في المقابل يفترض أن هناك علاقة ارتباط بين ارتداء الحجاب وقيام المجتمع الفاضل، والمجتمع الفاضل حسب هذا المنطق هو ذلك الذي لا يعرف علاقات حسية بين أفراده خارج نطاق الزواج.
لكنه رغم ذلك افتراض أقل ما يمكن القول عنه إنه خاطئ.
فكل المجتمعات التي فرضت الحجاب فرضاً، وأصرت على الفصل بين الجنسين، ليست في الواقع أقلها ممارسة للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
بل على العكس.
نجد أن عملية الفصل القسري أدت في الواقع إلى قيام العلاقات المثلية الجنسية فيها، تماماً كما أن ارتداء الفتيات للحجاب في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية لم يمنع بعضهن، كما تشير بعض التحقيقات والدراسات المنشورة، من ممارسة الحب خارج إطار الزواج، و هن في العادة يلجأن بعد ذلك كغيرهن إلى عمليات ترميم البكارة.

أما التبرير الثالث فإنه يفترض أن الدين أخذ موقفاً حاسماً من قضية حجاب المرأة، رغم أن النصوص الدينية المتواجدة تظل فضفاضة في الواقع، وكانت فضفاضة منذ الأزل، وأنتِ قادرة على قراءة النصوص بنفسك، لستِ في حاجة إلى وسيط، وسترين إنها ليست فقط فضفاضة، بل إنها حمالة أوجه.
لكننا قررنا أن نضيق النصوص ونفصلها على مقاس تفسيرات يعود تاريخها إلى القرون الوسطى.

ولو أردتِ الصدق، فإن التبرير الثالث الذي يقول لكِ و لي إن الدين هو الذي يفرض على المرأة الحجاب هو في الواقع أضعف تلك التبريرات، لأننا لم نسمع هذا القول إلا في نهاية السبعينات، ولم نراه واقعاً إلا بعد أن أصبح التفسير الأرثوذكسي للدين الإسلامي هو السائد في العالم العربي والإسلامي.
هذا هو المنطق الذي أؤسس عليه دعوتي لكِ.
أعرضه عليك راجية منك التمعن في كلماتي، وإلى ما أطلبه منك.
أنا لا أدعوك إلى الكف عن صلاتك.
لا أدعوك إلى التوقف عن صيامك.
لا أدعوك إلى الكف عن الإيمان بالله عز وجل.
بل أدعوك إلى نزع حجابك.
فشعركِ كشعري، ليس رمزاً جنسياً أخجل منه.
جسدكِ كجسدي، ليس مسرحاً لتهيؤات شهوانية.
جسدكِ كجسدي، كيان أحترمه وأفخر به.
أنت كأنا، كائن سامي،
بشعري،
بجسدي.
أنتِ كأنا، قادرة على أن أكون "فاضلة" في الخلقِ والتعاملِ، دون حجاب يغطيني.
سلوكي هو الحكم، لا قطعة من قماش.
كوني ما شئت سيدتي.
فأنا سأحترم قرارك مهما كان.
لكن في النهاية كوني أنتِ نفسك.
امرأة.
لا عورة

بقلم د. إلهام مانع
"]